فكرة الجسد
من الموروث الحضاري إلى فلسفة نيتشه
ويمكن عدّ محاولة نيتشه أول محاولة جادة لإعادة الاعتبار للجسد وإلغاء الخطاب المهمش له باسم السلطة العقلية أو الدينية. إذ وجد نيتشه في تاريخ البشرية بأنه تاريخ إذلال للجسد وإماتة للرغبات والتضحية بالذات، ورأى في الفلسفة تأويل خاطئ للجسد وسوء فهم له على الإطلاق.
هذه الأفكار وغيرها دفعت نيتشه نحو شن حملة فكرية نقدية للدفاع عن الجسد ونقض وتحطيم يوتوبيا العقل التي تبنتها الفلسفات العقلية بدءاً من سقراط وأفلاطون ووصولاً إلى الفلسفات العقلية والمثالية الحديثة، التي اعلنت الحرب على الغرائز وتآمرت على الحياة. واختلقت أسطورة التراتب، وأقحمت الفكر بثنائيات متناقضة، مثل ثنائية العقل والجسد أو الروح والجسد أو المعرفة والحياة أو الفكر والغريزة وغيرها. والتي أفضت في كل أشكالها وفقاً للتصور النيتشوي إلى كبت الجسد واحتقارهِ وعطلت قواهُ وصادرت الحياة بتسميات جوفاء.