لقد عمل المحققان على تحقيق كتاب "المعارف المحمدية" للإمام الصياد، وإخراجه للناس وذلك، لأن مؤلفه نهج في كتابه هذا الطابع الأصولي، فوضع قواعد التصوف وأسسه، وسار في بيان حدوده على منهج السلف الصالح، فوضع الحق في نصابه وأعطى القوس باريها، فغرس الإيمان في تربة العقل، وأروى ظمأ السائرين بأنوار النقل. كما اعتنى الإمام الصياد في كتابه هذا بالطائفة الرفاعية الأحمدية التي ينتمي المؤلف إليها، وتركيزه - وهو المتهم بتربية الرجال - على تابعي هذه الطريقة خاصة، ومن ورائهم كل صوفي صادق. ولقد جمع الإمام الصياد في هذا المؤلف من كليات العقيدة الإسلامية، وكليات التصور الإسلامي، وكليات المشاعر والتوجيهات والوظائف، ما يستطيع من خلاله أن يبني جيلاً صوفياً نقياً من كل شائبة، وأضاف إلى ذلك كله روعة الأسلوب وبراعة الإستهلال والإستيعاب في الطرح عبرَ عبارات هادفة، وبهذه العبارات الندية، والمعاني السامية. إن شهرة مرقد السيد الصياد قد ملأت الآفاق، فاستقطب الزوار من شتى الأسقاع، ومع ذلك فإن أكثر الزوار يجهلون غالبية ما يتعلق بالإمام الصياد: سيرته مؤلفاته أقواله، ولعلك تعرف مدى محبة هؤلاء لهذا السيد الجهبذ، فإنهم يهيمون بذكره ومدحه، وكم يتمنى الكثير منهم لو يقف على أقواله ومؤلفاته التي أفرغ فيها معارفه وعوارفه، لقد كنا نسأل دائماً عن كتاب الإمام الصياد: أين يوجد؟ ما هي طريقة الحصول عليه؟ وكنا نقول بمرارة: إنه لا يوجد إلا في مكتبة واحدة، ولن تحصل بعد انتظار الى على نسخة مصورة لهذا الكتاب، وهو بطبعته القديمة التي مضى عليها أكثر من مائة عام وما فيها من صعوبة قراءة، كل هذا جعلنا نشمّر ساعة الجد عن أيدينا ليس فقط لطباعته ونشره، بل لخدمة الكتاب بكل ما منّ الله به علينا من قوة، وغايتنا أن نجعل هذا الكتاب متوفراً بين أيدي الناس، سلس القراءة. ونسأل الله أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم. آمين.