مراعاة الفواصلِ القرآنيّةِ
دراسةٌ أصوليّةٌ نحويّة
لا شكَّ أن النشأة الأولى لعلوم اللغة العربيَّة شكَّلت محاولات متعدِّدة الأشكال لتأكيد فرادة النصِّ القرآنيّ وتميّزه عن النصوص الأخرى الشعريَّة والنثريَّة، وإثبات أنَّ الصيغة التي جاءت بها الآيات والسور القرآنيَّة هي الشكل الأمثل الذي يمكن أن ترتقي إليه اللغة العربيَّة بمحسناتها البديعية المختلفة. في ميدان الشعر أطلق النقاد على حالات الخروج على القاعدة اسم “الضرورات الشعريَّة”، وفي النَّثر تسمى “السجع”، أمَّا في النصِّ القرآني فيطلق عليها اسم "مراعاة الفاصلة القرآنيَّة". يؤكِّد هذا الكتاب أنَّ مراعاة الفواصل القرآنيَّة والخروج على القاعدة لا يُعدُّ مؤشِّر ضعف أو خلل بنائيّ في القرآن الكريم، بل هو خيار من أجل الوصول إلى البنية اللغويَّة السليمة، وأن الإيقاع الذي تولِّده الفاصلة القرآنية هو الدافع الأساس لمراعاتها. إن الفواصل في النصّ القرآنيّ حالة فريدة، لم يشهد النثر العربي مثيلاً لها، ومن هنا تأتي أهميَّة هذه الظاهرة النحويَّة والبلاغيَّة والجماليَّة.